فصل: 248- مستأمن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.248- مستأمن:

1- التعريف:
المستأمِن في اللغة: بكسر الميم. هو طالب الأمان، تقول: اسْتَأْمَنني فلانٌ فآمَنْتُه أُومِنُهُ إِيماناً. واسْتأْمَنَ إِليه: دخل في أَمانِه، وقد أَمَّنَه وآمَنَه.
وفي الاصطلاح: المستأمن هو: الكافر الذي دخل دار المسلمين بأمان منهم.
2- أصناف المستأمنين:
قال ابن القيم: (وأما المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها وهؤلاء أربعة أقسام: رسل؛ وتجار؛ ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن فإن شاؤوا دخلوا فيه وإن شاؤوا رجعوا إلى بلادهم؛ وطالبوا حاجة من زيارة أو غيرها، وحكم هؤلاء ألا يهاجروا ولا يقتلوا ولا تؤخذ منهم الجزية وإن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن فإن دخل فيه فذاك وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به ولم يعرض له قبل وصوله إليه فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كما كان).
3- ارتكاب المستأمن للجريمة هل ينتقض به العهد؟
اختلفت أراء الفقهاء في المستأمن إذا دخل دارنا بأمان فقتل مسلما عمدا أو خطأ أو قطع الطريق، أو تجسس أخبار المسلمين؛ فبعث بها إلى المشركين أو زنى بمسلمة أو ذمية كرها، أو سرق. فعند الحنفية لا يكون هذا ناقضا لأمانه.
وعند المالكية ينتقض العهد بقتال المسلمين، والتجسس على عوراتهم، وبما يستكره عليه المسلمين، كالاغتصاب، ونحو ذلك.
والأصح عند الشافعية أنه إن شُرط انتقاض العهد بها انتقض، وإلا فلا.
والصحيح من المذهب عند الحنابلة أنه ينتقض العهد بذلك.
4- إقامة الحد على المستأمن:
الأصل عند فقهاء الحنفية أن الحدود تقام على المستأمن, إلا حد القذف فيقام عليه باتفاق فقهاء الحنفية؛ وفي حد الزنى تفصيل عندهم. وذهب المالكية: إلى أن الكافر سواء كان ذميا أو مستأمنا يقام عليه حد القذف والسرقة والقتل؛ أما الزنا فإنه يؤدب فيه فقط ولا يقام عليه الحد إلا إذا اغتصب امرأة مسلمة فإنه يقتل لنقضه العهد؛ وكذلك لو ارتكب جريمة اللواط فإنه يرجم؛ ولا حد عليه في شرب الخمر لكنه يؤدب بمجاهرته.
وعند الشافعية: لا يقام على المستأمن حد الزنى على المشهور، لكنه يحد في القذف، والسرقة. وعند الحنابلة: يقام على المستأمن حد السرقة، وحد القذف، ولا يُحد بشربه للمسكر لأنه يعتقد حله وذلك شبهة يدرأ بها الحد، أما زنا المستأمن فإن الواجب في حقه القتل لأنه نقض للعهد.

.249- مسكر:

1- التعريف:
المسكر: مشتق من سَكِرَ، يقال: سَكِرَ يَسْكَرُ سُكُراً؛ والسكر حالة تعرض بين المرء وعقله، والسَّكَرُ، محركةً: الخَمْرُ، ونَبيذٌ يُتَّخَذُ من التمرِ والكَشُوثِ وكلُّ ما يُسْكِرُ...يقال: رجل سكور، أي كثير السكر، ورجل سكِّير أي دائم السكر.
والمسكر في الشرع: هو ما يغطي العقل، ويحبسه ويستره ويحجبه عن الوعي والإدراك السليمين، ولا يغيب الحواس ويتخيل صاحبه كأنه نشوان مسرور قوي النفس شجاع كريم.
وعرفه القرافي فقال: والمسكر ما غيب العقل دون الحواس مع نشوة وفرح وزيادة في الشجاعة وقوة النفس والميل إلى البطش والانتقام من الأعداء والمنافسة في العطاء وأخلاق الكرماء كما يشير لذلك قول حسان:
ونشربها فتتركنا ملوكاً ** وأسداً ما يُنَهْنِهُنَا اللقاء

2- التعريف بأشهر أنواع المسكرات:
المسكرات متعددة ومتنوعة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد، وغيره عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا ومن الزبيب خمرا ومن التمر خمرا ومن العسل خمرا، وأنا أنهى عن كل مسكر).
وفي هذا الزمان كثرة مسميات الخمور، والمسكرات وتعددت أنواعها، وأصبحت تسمى بغير اسمها، ولا عجب فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فيما رواه الحاكم، أن أبا مسلم الخولاني حج فدخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها، فجعل يخبرها فقالت: كيف يصبرون على بردها؟ قال: يا أم المؤمنين إنهم يشربون شراباً لهم يقال له الطلاء؛ قالت: صدق الله وبلغ حبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: «إن ناساً من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها».
وسنبين باختصار أهم أنواع المسكرات المشتهرة بين الناس في هذا الزمان وهي:
1- الحشيش والماريجوانا: (راجع: مصطلح: مخدرات).
2- العرق: هو عبارة عن سائل لونه لون الماء، وله رغوة بيضاء، ورائحة كريهة، يحضر بطريقة التقطير من المواد المخمرة.
3- الويسكي: هو اسم حديث للمسكر، وهو كلمة من اللغة الأيتوسية معناها: ماء الحياة، وهو مشروب مقطر من الحبوب المنبتة المخمرة، غالبا الشعير أو القرطم أو القمح أو الذرة ونحو ذلك.
4- البيرة: وتسمى (الجعة) وهي شراب يتخذ من الشعير.
5- الكولونيا: وهي نوع من العطور، يحتوى على الكحول الإثيلي، وقد عمت به البلوى في هذا الزمان فيندر أن تجد بقالة أو محلا إلا وتباع فيه، بل إن معظم البيوت توجد بها الكولونيا، تتخذ على أنها من العطورات، وفي الحقيقة هي من المسكرات، حيث تصل نسبة الكحول فيها إلى (80%). للمزيد: راجع مصطلح: كولونيا.
7- السيدر: وهو عصير التفاح المحتوي على نسبة عالية من الكحول.
وقد بيَّن الفقيه الكاساني رحمه الله أسماء ومعاني بعض المسكرات فقال:
(أما أسماؤها: فالخمر، والسكر، والفضيخ، ونقيع الزبيب، والطلاء، والباذق، والمنصف، والمثلث والجمهوري، وقد يسمى أبو سقيا والخليطان والمزر والجعة والبتع. أما بيان معاني هذه الأسماء:
1- الخمر: وهو اسم للنيئ من ماء العنب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد، وهذا عند أبي حنيفة عليه الرحمة وعند أبي يوسف ومحمد عليهما الرحمة ماء العنب إذا غلى واشتد فقد صار خمرا وترتب عليه أحكام الخمر قذف بالزبد أو لم يقذف به، وجه قولهما أن الركن فيها معنى الإسكار وذا يحصل بدون القذف بالزبد، وجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن معنى الإسكار لا يتكامل إلا بالقذف بالزبد فلا يصير خمرا بدونه.
2- السكر: وهو اسم للنيئ من ماء الرطب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد أو لم يقذف على الاختلاف.
3- الفضيخ: وهو اسم للنيئ من ماء البسر المفضوخ وهو المدقوق إذا غلى واشتد وقذف بالزبد أو لا على الاختلاف.
4- نقيع الزبيب: وهو اسم للنيئ من ماء الزبيب المنقوع في الماء حتى خرجت حلاوته إليه واشتد وقذف بالزبد أو لا على الخلاف.
5- الطلاء: وهو اسم للمطبوخ من ماء العنب إذا ذهب أقل من الثلثين وصار مسكرا ويدخل تحت الباذق والمنصف لأن الباذق هو المطبوخ أدنى طبخة من ماء العنب والمنصف هو المطبوخ من ماء العنب إذا ذهب نصفه وبقي النصف، وقيل الطلاء هو المثلث وهو المطبوخ من ماء العنب حتى ذهب ثلثاه وبقي معتقا وصار مسكرا.
6- الجمهوري: وهو المثلث يصب الماء بعد ما ذهب ثلثاه بالطبخ قدر الذاهب وهو الثلثان ثم يطبخ أدنى طبخة ويصير مسكرا.
7- الخليطان: وهما التمر والزبيب أو البسر والرطب إذا خلطا ونبذا حتى غليا واشتدا.
8- المزر: وهو اسم لنبيذ الذرة إذا صار مسكرا.
9- الجعة وهو: اسم لنبيذ الحنطة والشعير إذا صار مسكرا.
10- البتع: وهو اسم لنبيذ العسل إذا صار مسكرا هذا بيان معاني هذه الأسماء).
وهناك أنواع أخرى من المسكرات ذكرها بعض العلماء ومنها:
1- شراب الداذي: قال الأزهري، وأبن منظور: الداذي حب يطرح في النبيذ فيشتد حتى يسكر؛ قال أبو داود: وقال سفيان: الداذي شراب الفاسقين.
2- الباذق: قال ابن الأثير: الباذق بفتح الذال، الخمر، تعريب (باذه) وهو اسم الخمر بالفارسية.
3- الغبيراء: قال ابن الأثير: الغبيراء ضرب من الشراب يتخذه الحبشة من الذرة وتسمى السَّكركة.
3- حكم المسكرات:
المسكرات محرمة بالكتاب والسنة والإجماع:
فمن الكتاب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة 90-91]. والأحاديث الواردة في تحريم المسكرات كثير ومنها:
ما رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة». وما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه». وما رواه أبو داود، وابن ماجة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الخمر وشاربها، وساقيها ومبتاعها وبائعها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها». وما رواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشرب الخمر، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر».
وقد انعقد الإجماع على أن الخمر حرام شرابه واستعماله، كيفما كان الاستعمال، وذلك مما عُلِمَ من الدين بالضرورة، ومن استحل الخمر فهو كافر بدين الله، يستتاب فإن تاب وإلا قُتل.
4- الكحول (الغول) مادة رئيسية في المسكرات فما هو؟ يعرِّف الطب الكحول بأنه: سائل طيار ليس له لون، وله طعم لاذع، وذو رائحة معروفة؛ ويستعمل في الصناعات كحافظ لبعض المواد، وكمادة منشفة للرطوبة وكمذيب لبعض المواد القلوية والدهنية، ومقاوم للتجمد. ويستخدم في الطب كمطهر للجلد ومذيب لبعض الأدوية التي لا تذوب إلا في الكحول؛ ويستخدم بكثرة كمذيب للمواد العطرية، والكولونيا، والروائح.
والكحول له نوعان هما:
أ- الكحول الإثيلي: وهو المعروف باسم (السبرتو) ويستعمل في تحضير الأدوية، وفي المسكرات.
ب- الكحول الميثيلي: وهو مادة سامة تستخدم في تركيب السموم، والمبيدات.
5- المسكرات والجريمة:
الخمر هو أصل المسكرات، وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الخبائث، فقال: «اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث»، فمن شربه هانت عليه كل جريمة، وفعل كل معصية، ولربما وقع على أمه أو على ابنته أو أخته، وقد سمعنا في هذا الزمان كثيرا من هذه القصص، ولا ريب أن الخمر هي أم الخبائث، وهي أكبر الكبائر، برهان ذلك ما رواه الحاكم عن سالم بن عبد الله عن أبيه، أن أبا بكر وعمر وناسا جلسوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا أعظم الكبائر، فلم يكن عندهم فيها علم، فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو أسأله فأخبرني أن أعظم الكبائر: شرب الخمر، فأتيتهم فأخبرتهم، فأنكروا ذلك، ووثبوا إليه جميعا حتى أتوه في داره، فأخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن ملكا من ملوك بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره بين أن يشرب الخمر، أو يقتل نفسا، أو يزني، أو يأكل لحم خنزير، أو يقتلوه، فأختار الخمر، وإنه لما شرب الخمر لم يمتنع من شيء أرادوه منه» وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أحد يشربها فتقبل له صلاة أربعين ليلة، ولا يموت وفي مثانته شيء إلا حرمت بها عليه الجنة، فإن من مات في أربعين ليلة مات ميتة جاهلية».
وما أكثر الحوادث التي تقع تحت تأثير المسكرات، ولا زلت أذكر حادثا أليما وقع في مدينة بريدة في سنة 1418هـ عندما قام أحد الأشخاص بقيادة سيارته تحت تأثير المسكر وتجاوز إحدى الإشارات المرورية وهي باللون الأحمر، وتسبب في حادث مروري مؤلم راح ضحيته أحد الفضلاء من طلبة العلم وعائلته المكونة من زوجته وأبنائه وعددهم جميعا تسعة أشخاص لقوا ربهم في ساعة واحدة- رحمهم الله تعالى- بسبب ذلك المجرم. والقصص والمشاهد والجرائم الناتجة عن تعاطي المسكرات كثيرة.
6- مسؤولية السكران:
قال الماوردي رحمه الله: (وحكم السكران في جريان الأحكام عليه كالصاحي إذا كان عاصيا بسكره, فإن خرج عن حكم المعصية لإكراهه على شرب الخمر ما لا يعلم أنه مسكر لم يجر عليه قلم كالمغمى عليه).